ميدانُ التحرير، رائحةُ الثورة، برجُ القاهرة، شارعُ محمد محمود، وبيتُكَ؛ كلُّها أماكن ستُعيدُ التفكيرَ في شرطِ وجودِها الذي هو بالضرورةِ شرطُ وجودكَ.
بدأ محاكاة القاهرة بالورق. في الطفولة يتساوى بيتٌ من ورق وبيتٌ من الخرسانة، وفقط عندما يكبر الناس، يكتشفون أن البيوت تُصنَع من الموادِّ التي تجعلها قادرةً على حماية نفسها، وليس الدفاع عمَّنْ يقطنونها.
فيما كان أقرانه يصنعون مراكب وطائرات، كان هو آخذاً بتشييد بيوت بيضاء، تقطعها خطوط الورق المسطَّر، يضع عليه توقيعاً بدائياً، سيظلُّ يطوِّره استناداً لأصله الطفولي حتَّى يمنحه أخيراً هذه الهيئة:
لكنه لن يلبث أن يكتشف أن المدينة تحتاج موادَّ أقوى، وألواناً أخرى، فلا وجود لمدينةٍ بريئةٍ إلى هذه الدرجة.
مُطوِّراً من ولعه، سيكتشف أن المُدُن، حتَّى لو كانت غير حقيقية، خُلِقت لتبقى، بينما لم يُخلَق الإنسان نفسه إلَّا ليموت. كانت المراكب الورقية تغرق في مياه الحمَّامات، والطائرات تحلِّق لسنتيمترات، ثمَّ تنتحر على خشب الدكك الوعر أو تحت الأحذية، وحتَّى لو وجدت لنفسها مكاناً في السماء الواطئة خارج شبابيك الفصول، سرعان ما كان يبتلعها رمل الفناء. مدينته أيضاً كانت تدهسها الأقدام مع رنين جرس المغادرة. كان يفكِّر، يمكن لطائرةٍ أن تسقط ولمركب أن يغرق، إن هذا يحدث في الواقع أيضاً، لكنْ، لا يجب لمدينة أن تختفي لمجرّد أن جرساً أَطلقت صرختَهُ يدٌ ما، كأن الوجود محض يومٍ دراسي
طارق إمام
روائي مصري. وُلد عام 1977، وبدأ الكتابة مبكراً حيث نشر كتابه القصصي الأول «طيور جديدة لم يفسدها الهواء» عام 1995. نشر أحد عشر كتاباً، بين روايات ومجموعات قصصية، من أبرزها «هدوء القتلة»، «الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس»، «طعم النوم»، «مدينة الحوائط اللانهائية». تُرجِم بعضُ أعماله إلى أكثر من لغة، ونال العديد من الجوائز المصرية والعربية والدولية، منها جائزة الدولة التشجيعية بمصر، جائزة ساويرس مرتين، الجائزة المركزية لوزارة الثقافة المصرية مرتين، جائزة سعاد الصباح، وجائزة متحف الكلمة الإسبانية.
book-author
الناشر
المتوسط
بلد المنشأ
ايطاليا
مقاس الكتاب
14-21
ISBN
لغة الكتاب
عربي
عدد الصفحات
408
Customer Reviews
There are no reviews yet.
book-author | |
---|---|
الناشر | المتوسط |
بلد المنشأ | ايطاليا |
مقاس الكتاب | 14-21 |
ISBN | |
لغة الكتاب | عربي |
عدد الصفحات | 408 |
Customer Reviews
There are no reviews yet.
Be the first to review “ماكيت القاهرة”