قرطاس الرومي

قرطاس الرومي” للكاتب ماسينيسا تيبلالي رواية تاريخية تدور أحداثها في منتصف القرن الثالث للهجرة أثناء فترة الحكم العباسي للخلافة الإسلامية، هذه الأحداث تروي أحداث ثورة صاحب الزنج علي بن محمد، التي استمرت خمسة عشر سنة، الثورة التي كان سببها الرئيسي الظلم الواقع على العبيد، و إستعبادهم المفرط في الزراعة و العمل من طرف الملاك رغم تحريم الإسلام للظلم، إلا أن العباسيين فسروا أحاديث و أيات الرق حسب مصلحتهم و أهوائهم المريضة، فظلمو العبيد و لم يوفوهم حقوقهم.الزنج الذين كانو كلهم من شرق افريقيا و السودان استوردهم التجار العرب نحو العراق و مدن الحكم و التجارة، حتى نشئت هناك في شرق افريقيا موانئ و مدن لهذا الغرض، أشعل فيهم علي بن محمد -الذي اختلف الناس في أصله و نسبه- فتيل الثورة وسط واعدا إياهم بالعدل و التحرر و الحياة الكريمة.
أما روايتنا فتبدأ عند موانئ السودان حيث تشاء الأقدار أن ترمي بالطفل قسطنطين و أمه أمالا القصريانية اللذان ينحدران من أصول عائلات راقية عاشت في صقلية، و تدين دين المسيحية، و هنا تشترى امه و يتنتهي بهما المطاف مفترقين، يعيش و ينضج قسطنطين في البصرة كغلام لسيدة راقية، و إستبدل إسمه ب” قرطاس الرومي” ، و تبدأ حكاياته مع الجاحظ و إعتناقه لثورة الزنج و حواراته مع الطبري ندا ندا في دار الحكمة ببغداد ، و دوره الكبير في إنتشار ثورة الزنج لما كان له من لسان قوي الحجة، و معرفة بخبايا القصور الحاكمة و قربه من علي بن محمد.
ما لفتني كقارئ هو نجاح الكاتب في وضع شخصية من وحي الخيال في أحداث تاريخية حسب رأيي” شائكة” ، مع الحفاظ على الطابع الروائي دون الخوض في التفاصيل المملة، و دون إهمال للاحداث المهمة، التي لا يمكن للقارئ دونها أن يتابع سير الأحداث بتشويق، و أيضا إستعمال لغة و حوارات ذلك العصر فهنا يبرز ذكاء الكاتب و موهبته.
في القصة أيضا أحداث حب و شغف، و تعلق و فقدان، قتل و إنتقام، كثيرة هي المعاني في الرواية و متنوعة.