كل ما كانت باري تريده من أمها هو أن تجمع شذرات ذكريات ماضيها المفككة والمتباعدة و أن تساعدها لتحويل ما تذكره إلى نوع من التسلسل المتماسك للأحداث، لكن ماما لم تكن تقول الكثير . حجبت عنها الكثير عن طفولتها في كابول. أبقت باري بعيدة عن الماضي إلى أن توقفت الصغيرة عن السؤال. ويظهر الآن أن ماما أفصحت بكل شيء لهذا الصحفي في المجلة ؟ أخبرت إتيين بوستولر عن نفسها وعن حياتها في ذلك اللقاء كما لم تفعل مع ابنتها الوحيدة على مر السنين. باري لا تعرف أنها لا تعرف أي شيء. ولربما كان هذا هو قصد أمها الحقيقي منذ البداية أن تهز عالم باري، أن تقلبه رأساً على عقب عمداً، لتحولها إلى شخص غريب عن نفسه، لتزيد الشك في ذهنها حول كل ما كانت باري تعتقد أنها تعرفه عن حياتها، لتجعلها تشعر بالضياع كما لو كانت تهيم ليلا في صحراء، محاطة بالظلمة و المجهول، وكي تشعر بالحقيقة غائمة، كنور صغير جداً يومض في البعيد على نحو متقطع، متحرك مراوغ و منحسر إلى الأبد. اعتقدت باري أنه لربما كانت هذه عقوبة ماما لها على علاقتها بجوليان، وعلى الإحباط الذي كانته دائماً بالنسبة لأمها. باري، التي كان من المفترض أن تضع حداً لمعاناة أمها مع الشراب وعلاقاتها مع الرجال، والسنين المهدورة في محاولة إيجاد السعادة. انتهت كل تلك الأهداف كما كانت. وكانت كل جلدة إحباط تترك الأم أكثر انكساراً وانحرافاً، وأكثر وهما عن السعادة. ماذا كنت بالنسبة لك يا أمي؟ فكرت باري. ما الذي كان يفترض بي أن أكون عليه بعد أن ولدت منك، من رحمك، هذا إذا افترضنا أنني ولدت من رحمك ؟ هل كنت بذرة الأمل في حياتك؟ هل كنت تذكرة اشتريتها لتحرري من الظلام؟ هل كنت ضماداً وضعته ليشفيك من تلك الندبة في قلبك؟ وإذا ما كان ذلك صحيحاً ، فأنا لم أكن كافية لك. لم أكن كافية لك ولو قليلاً. لم أكن بلسم ألمك. كنت مجرد درب مسدود آخر في حياتك، مجرد عبى عليك، ولا بد من أنك اكتشفت هذا مبكراً جداً. لا بد أنك أدركته. و لكن… ما الذي كان يمكن أن تفعليه؟ لا يمكنك أن تذهبي لمتجر لتبيعيني بكل بساطة.
ورددت الجبال الصدى
د.ج 2.240,00
5 in stock
book-author | |
---|---|
الناشر | دال |
بلد المنشأ | سوريا |
المترجم | محمد حبيب |
مقاس الكتاب | 14, 5, 5-21 |
الغلاف | Paperback |
ISBN | |
لغة الكتاب | عربي |
عدد الصفحات | 463 |
تاريخ النشر | 2015 |
Customer Reviews
There are no reviews yet.
Be the first to review “ورددت الجبال الصدى”